السلطان المملوكي ركن الدين بيبرس البندقداري

 من مملوكي عبد الى ملك سلطان ، شخصية غيّرت التاريخ الاسلامي فعليا ، لقّب بأبي الفتوح وقسيم الامراء القائد العظيم الظاهر بيبرس المؤسس الفعلي و الحقيقي لدولة المماليك بمصر .

✅✅✅
ولد السلطان المملوكي ركن الدين بيبرس البندقداري على أرجح الأقوال عام 1221م في منطقة "قيرغيزستان" بوسط آسيا او مانسميها بقبائل الشركس ، أُخذ من بلاده وهو صغير وبيع بالشام ، فنشأ وتربى كمملوك حتى اشتراه الأمير علاء الدين البندقداري، ومنه أخذ بيبرس لقب البندقداري وذلك بسبب ان علاقة المملوكين بالامراء لم تكن علاقة عبودية انذاك بل كانت قريبة جدا لعلاقة الأقرباء ، ثم آلت ملكيته للسلطان (الصالح نجم الدين أيوب) فأظهر بيبرس في خدمته همة وشجاعة ميّزته بين أقرانه، فضمه السلطان الصالح إلى قوات الأمير "فارس الدين أقطاي" حتى أصبح من كبار القادة المماليك.
وعندما وصل (لويس التاسع) بحملته الصليبية
إلى مصر كان بيبرس من الذين تصدوا له في معركة المنصورة عام 1249م، فأسر لويس التاسع وانهارت حملته.
✅✅✅
عقب اغتيال أقطاي وتولي السلطان (عز الدين أيبك) حكم مصر اضطر بيبرس إلى الانتقال إلى الشام، إذ لم تكن العلاقة بين أيبك وأقطاي على ما يرام وكان بيبرس يميل الى جانب أقطاي ، وبعد تولي الأمير (سيف الدين قطز) مقاليد الأمور في مصر قام باستدعاء بيبرس من الشام لمعاونته في إيقاف زحف التتار على الشرق، فتمكنا معاً من سحق التتار في معركة "عين جالوت"، وعهد قطز إلى بيبرس بمهمة ملاحقة فلول التتار وتشتيتهم، في عام 1260م تولى بيبرس حكم مصر عقب مقتل قطز.
#ملاحظة بهذا الخصوص: اقطاي قُتل على يد ايبك بمشاركة قطز وقطز قتل على يد بيبرس كانتقام لموت اقطاي لكنّني شخصيا ارى أن بيبرس وقطز من سابع المستحيلات ان يجتمعا على حكم واحد فان لم يقتل بيبرس قطز كان قطز قتله .وإلا لما تأسست دولة المماليك وتوحد المسلمون .
✅✅✅
أبلى بيبرس بلاء حسناً في خدمة الأمة والدين الإسلامي خلال فترة حكمه، وعمل على إنقاذ الخلافة الإسلامية من الانهيار بعد مقتل الخليفة العباسي على يد التتار عقب إسقاطهم لبغداد
عاصمة الخلافة عام 1258م وبقاء كرسي الخلافة خاوياً، وتمكن من استقدام أحد أمراء الأسرة العباسية إلى القاهرة وبايعه بالخلافة في احتفال كبير عام 1262م، فكان هذا العمل ذا أثر كبير في جمع شمل الأمة الإسلامية حول خليفتها مرة أخرى.
لم يقتصر دور بيبرس على التصدي لتهديد التتار للدولة الإسلامية وحسب، فقد عمل على تصفية الوجود الصليبي في الشام، وكان له الفضل في تطهير مدن قيسارية وأرسوف وطبرية ويافا وأنطاكية من الصليبيين، كما لم يدخر بيبرس وسعاً في التصدي لأي خطر خارجي على الدولة الإسلامية، فقد اتخذ نفس الأسلوب في التصدي لدعوات التخريب الداخلية التي تبنتها بعض الفرق التخريبية المعروفة بالـباطنية والتي لم تكن أقل خطراً من التتار أو الصليبيين، فقد أشاعت الذعر بين الناس وعملت على نشر مذهبها المنحرف، ناهيك عن إعمالها السيف في الكثير من القادة والعلماء، الأمر الذي جعل مجرد ذكرهم مصدراً للذعر بين الناس، لذا فقد استعمل بيبرس الحيلة للقضاء عليهم وعهد إلى العلماء
باستقطاب أكبر عدد منهم للعودة إلي صفوف الأمة، فتاب منهم من تاب ولم يبق إلا عتاتهم الذين رفضوا العدول عن ما هم عليه، فقام بيبرس باقتحام قلاعهم وأماكن تمركزهم فقضى عليهم وشتتهم وخلص الأمة من شرورهم.
فقد قضى على فرقة الاسبتارية والداوية الصليبية وهذه تعتبر من اقوى الفرق المسيحية انذاك ( شبيهة جدا بالحشاشين)
✅✅✅
من اهم صفات السلطان الظاهر بيبرس حسب قراءتي له انه كان ميّالا للانتقام ولرد الجميل ايضا ، فكان شخصية لاتنسى ابدا من يسيء إليه وينتقم منه ولو بعد حين كحادثة اقطاي وقطز وفي نفس الوقت لا ينسى قط من احسن إليه واذكر لكم حادثة طريفة بينه وبين ملك الأرمن ( هيتوم) والذي اراد ان يتفاوض معه وامره بالاستسلام لكن هذا الأخير رفض بحكم انه يستند على المغول ، فغضب بيبرس وارسل له قائد اسمه ( سم الموت) نعم كما قرأتم وهو القائد (عز الدين ارغان) والذي ما ان سمع اسمه حتى هرب الى اراضي المغول مستنجدا فقام معه بمفاوضة غريبة جدا فبعد ان محى مدينته من الوجود و دمرها على بكرة ابيها ولم يترك بها ارضا قابلة للزراعة ولا حتى لعيشة الحيوانات وقتلوا ولده و قاموا بأسر الثاني ثم ارسلوا له يطالبونه بالقلاع التي اخذها في فترة الدولة الأيوبية ( فتح الدفاتر القديمة 😂) وكذلك ان يذهب للمغول ويحرر شخص اسمه سنقر الأشقر ، وهذا سنقر الاشقر فدى خيله لبييرس لما كان المغول يطاردونه قبل سنوات ، لم تكن بينهما معرفة شخصية لكن بيبرس هرب بسببه وسنقر اُسر . فما كان على الملك هيتوم الّا ان يقوم بذلك .
ومن صفات بيبرس ايضا انّه بيّاع ، بمعنى انّه لا يجعل لنفسه نقطة ضعف وفي ذات القصة نذكر انّ ملك الارمن لما ظفر بسنقر ظن انه عزيز جدا على بيبرس فساومه ان رُدّ لي قلاعي وابني وإلا قتلت صديقك !
فكان رد بيبرس كالآتي :
(اذا كنت تقسو على ولدك وولي عهدك فانا اقسو على صديق مابيني وبينه نسب ، ويكون الرجوع منك لا منّي ونحن خلف كتابنا فمهما شئت افعل بسنقر الاقشر )
😂 -باعه بثواني-
✅✅✅
انجازاته :
لم يكن بيبرس محارباً بارعاً فحسب، بل كان رجل دين ودولة، وكان يكره الفساد ويُحرمه في مملكته، فأمر بالقضاء على تجارة الخمور وعلى مروجي الرذيلة، وصادر أموالهم ودعاهم
إلى التوبة والرجوع إلى الطريق المستقيم، وأدخل تعديلات على النظام القضائي آنذاك فأمر بتعيين أربعة قضاة يمثلون المذاهب الأربعة، وأعاد للجامع الأزهر مكانته ، وكان للعمران في عهد بيبرس نصيب كبير من الاهتمام؛ فانتعشت حركة العمران وشيدت السدود وبنيت القناطر وعمرت الأسواق، أما المساجد فقد عني بيبرس بإعمارها والعناية بها أيما عناية، وبنى في القاهرة مسجداً عرف باسمه لا يزال قائما إلى اليوم وأنشأ المدرسة الظاهرية بكل من القاهرة ودمشق وأمدهما بذخائر الكتب، عني بيبرس أيضا بالتجارة وسعى لتأمينها، وصك عملات خالصة نقية حازت على ثقة الناس، فازدهرت التجارة في عصره وعم الأمان ربوع دولته.
بعد حياة مليئة بالأحداث وبعد حكم دام لسبعة عشر عاماً توفي الظاهر بيبرس في الثاني من شهر مايو عام 1277م، بعد أن اتخذ لنفسه مكاناً رفيعاًً بين خيرة الحكام المسلمين، الذين ذادوا عن حياض الدولة الإسلامية ورفعوا عليها راية الدين خفاقة عالية، فأمن بفضلهم الناس وأينعت في عهدهم الأرض، ألا فرحمة الله على المُجاهدين المُخلصين.

Comments

Popular posts from this blog

تأميم قناة السويس عام ١٩٥٦

Market Analysis May-15-2013 Greg Guenthner